التغيرات التي طرأت
على مدونة الأسرة بالمغرب
أولا : تبني صياغة حديثة بدل المفاهيم
التي تمس بكرامة وإنسانية المرأة. وجعل مسؤولية الأسرة تحت رعاية الزوجين. وذلك باعتبار
« النساء شقائق للرجال في الأحكام»، مصداقا لقول جدي المصطفى عليه السلام، وكما يروى:
« لا يكرمهن إلا كريم ولا يهينهن إلا لئيم ».
ثانيا: جعل الولاية حقا للمرأة
الرشيدة، تمارسه حسب اختيارها ومصلحتها، اعتمادا على أحد تفاسير الآية الكريمة، القاضية
بعدم إجبار المرأة على الزواج بغير من ارتضته بالمعروف: « ولا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن
إذا تراضوا بينهم بالمعروف». وللمرأة بمحض إرادتها أن تفوض ذلك لأبيها أو لأحد أقاربها.
ثالثا: مساواة المرأة بالرجل بالنسبة
لسن الزواج، بتوحيده في ثمان عشرة سنة، عملا ببعض أحكام المذهب المالكي، مع تخويل القاضي
إمكانية تخفيضه في الحالات المبررة وكذلك مساواة البنت والولد المحضونين في بلوغ سن
الخامسة عشرة لاختيار الحاضن.
رابعا : فيما يخص التعدد، فقد راعينا
في شأنه الالتزام بمقاصد الإسلام السمحة في الحرص على العدل ، الذي جعل الحق سبحانه
يقيد إمكان التعدد بتوفيره ، في قوله تعالى « فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة»، وحيث إنه
تعالى نفى هذا العدل بقوله: «ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم »، فقد جعله
شبه ممتنع شرعا كما تشبعنا بحكمة الإسلام المتميزة، بالترخيص بزواج الرجل بامرأة ثانية
، بصفة شرعية لضرورات قاهرة وضوابط صارمة، وبإذن من القاضي، بدل اللجوء للتعدد الفعلي
غير الشرعي ، في حالة منع التعدد بصفة قطعية
ومن
هذا المنطلق فإن التعدد لا يجوز إلا وفق الحالات والشروط الشرعية التالية
لا
يأذن القاضي بالتعدد إلا إذا تأكد من إمكانية الزوج في توفير العدل على قدم المساواة
مع الزوجة الأولى وأبنائها في جميع جوانب الحياة، وإذا ثبت لديه المبرر الموضوعي الاستثنائي
للتعدد
للمرأة
أن تشترط في العقد على زوجها عدم التزوج عليها باعتبار ذلك حقا لها، عملا بقول عمر
بن الخطاب رضي الله عنه: « مقاطع الحقوق عند الشروط». وإذا لم يكن هنالك شرط ، وجب
استدعاء المرأة الأولى لأخذ موافقتها، وإخبار و رضى الزوجة الثانية بأن الزوج متزوج
بغيرها. وهذا مع إعطاء الحق للمرأة المتزوج عليها، في طلب التطليق للضرر.
خامسا : تجسيد إرادتنا الملكية
، في العناية بأحوال رعايانا الأعزاء ، المقيمين بالخارج ، لرفع أشكال المعاناة عنهم،
عند إبرام عقد زواجهم. وذلك بتبسيط مسطرته، من خلال الاكتفاء بتسجيل العقد بحضور شاهدين
مسلمين، بشكل مقبول لدى موطن الإقامة، وتوثيق الزواج بالمصالح القنصلية أو القضائية
المغربية، عملا بحديث أشرف المرسلين « يسروا ولا تعسروا».
سادسا: جعل الطلاق حلا لميثاق
الزوجية يمارس من قبل الزوج والزوجة كل حسب شروطه الشرعية، وبمراقبة القضاء، وذلك بتقييد
الممارسة التعسفية للرجل في الطلاق، بضوابط تطبيقا لقوله عليه السلام:» إن أبغض الحلال
عند الله الطلاق»، وبتعزيز آليات التوفيق والوساطة، بتدخل الأسرة والقاضي. وإذا كان
الطلاق، بيد الزوج، فإنه يكون بيد الزوجة بالتمليك. وفي جميع الحالات، يراعى حق المرأة
المطلقة في الحصول على كافة حقوقها قبل الإذن بالطلاق. وقد تم إقرار مسطرة جديدة للطلاق،
تستوجب الإذن المسبق من طرف المحكمة، وعدم تسجيله إلا بعد دفع المبالغ المستحقة للزوجة
والأطفال على الزوج. والتنصيص على أنه لا يقبل الطلاق الشفوي في الحالات غير العادية.
سابعا: توسيع حق المرأة في طلب
التطليق، لإخلال الزوج بشرط من شروط عقد الزواج، أو للإضرار بالزوجة مثل عدم الإنفاق
أو الهجر أو العنف، وغيرها من مظاهر الضرر، أخذا بالقاعدة الفقهية العامة:" لا
ضرر ولا ضرار"، وتعزيزا للمساواة والإنصاف بين الزوجين. كما تم إقرار حق الطلاق
الاتفاقي تحت مراقبة القاضي.
ثامنا: الحفاظ على حقوق الطفل،
بإدراج مقتضيات الاتفاقيات الدولية، التي صادق عليها المغرب. وهذا مع اعتبار مصلحة
الطفل في الحضانة من خلال تخويلها للأم ثم للأب ثم لأم الأم. فإن تعذر ذلك، فان للقاضي
أن يقرر إسناد الحضانة لأحد الأقارب الأكثر أهلية. كما تم جعل توفير سكن لائق للمحضون
واجبا مستقلا عن بقية عناصر النفقة، مع الإسراع بالبت في القضايا المتعلقة بالنفقة
في أجل أقصاه شهر واحد.
تاسعا: حماية حق الطفل في النسب،
في حالة عدم توثيق عقد الزوجية لأسباب قاهرة، باعتماد المحكمة البينات المقدمة في شأن
إثبات البنوة، مع فتح مدة زمنية في خمس سنوات لحل القضايا العالقة في هذا المجال، رفعا
للمعاناة والحرمان عن الأطفال في مثل هذه الحالة.
عاشرا: تخويل الحفيدة والحفيد
من جهة الأم، على غرار أبناء الابن، حقهم في حصتهم من تركة جدهم، عملا بالاجتهاد والعدل
في الوصية الواجبة
.
حادي عشر: أما في ما يخص مسألة تدبير
الأموال المكتسبة، من لدن الزوجين خلال فترة الزواج: فمع الاحتفاظ بقاعدة استقلال الذمة
المالية لكل منهما، تم إقرار مبدأ جواز الاتفاق بين الزوجين، في وثيقة مستقلة عن عقد
الزواج ، على وضع إطار لتدبير أموالهما المكتسبة، خلال فترة الزواج، وفي حالة عدم الاتفاق
يتم اللجوء إلى القواعد العامة للإثبات بتقدير القاضي لمساهمة كلا الزوجين في تنمية
أموال الأسرة
0 comments: