مقدمة:
تشهد
البشرية اليوم والعالم بأجمعه تقدماً سريعاً ومطّرداً، في كافة شؤون الحياة وفي
مختلف جوانب النشاط البشري، هذا التطور العملي والتقدم المعرفي يدفع إلى الواقع
بمعطيات جديدة لم تكن في السابق، تفرض على المسلم أن يتفاعل معها إما تفاعلاً
إيجابياً أو سلبياً، إما بالقبول أو بالرد أو بالقبول المقيد. من هذه المعطيات
الحديثة على سبيل المثال لا الحصر، ما كان منها في الجانب الطبي كعمليات الاستنساخ
وعمليات الطب الوراثي وعمليات التلقيح الاصطناعي وعمليات زراعة ونقل الأعضاء
وغيرها من الأمور الحديثة في التقدم العلمي الطبي، هذا الأمر يلقى بتبعة كبيرة
وعظيمة على علماء الفقه والشريعة الإسلامية بأن يخرجوا للناس بفقه معاصر يلبي هذه
الاحتياجات، يتماشى مع العصر ومع الواقع شريطة ألا يمس بأصول وقواعد الإسلام
العظيمة.
نسبة نجاح زرع الأعضاء:
إن
نجاح زراعة الأعضاء تختلف من عضو إلى آخر، ومن فرد إلى آخر.
فبالنسبة للكلى إذا كان المتبرع حيا فإن
نسبة النجاح هي أكثر من 95% وقد تصل في كثير من المراكز إلى 97%. أما
إذا كان المتبرع ميتا، فإن نسبة النجاح تبدأ من 95% في السنة الأولى، ثم تبدأ تقل
على مدار الـ 5 سنوات حتى تصل إلى 80%. فالكلى التي زرعت لـ 100 شخص ـ
والمأخوذة من متبرع ميت ـ نجد أن 80 منهم لا تزال الكلى المزروعة فيهم تعمل عملاً
جيداً، وهي نسبة نجاح عالية جداً.
بالنسبة للكبد فإن النسبة
أقل بقليل من ذلك. إلا أن المراكز المتقدمة جدا في مجال زراعة الكبد فقد حققت
نجاحا وصل إلى 85%.
بالنسبة للبنكرياس
فإن نسبة النجاح أقل من ذلك.
أما بالنسبة للقلب فتعتمد نسبة النجاح على
المركز الذي يجري هذه العملية. وباختصار يمكن القول بأن زرع الكلى فقد أصبحت
عملية سهلة ومنتشرة في مراكز متعددة جداً، وفي معظم أرجاء العالم تتراوح نسبة
النجاح ما بين 85 - 95%.
رأي علماء الشريعة الإسلامية في موضوع التبرع
بالأعضاء:
قرر علماء الشريعة الإسلامية أنه لا مانع من
التبرع بالأعضاء. فصحيح أن جسم الإنسان هو ملك لله تعالى، حيث أن اله له ملك كل
شيء، إلا أنه يمكن للإنسان أن يتبرع بأحد أعضاءه. تماما كالمال الذي يملكه الإنسان
الذي هو في الحقيقة ملك لله. فالمال فضل الله ورزق الله، ومع هذا فالإنسان يزكي
بالمال ويتبرع بالمال، ويتصدق بالمال، صدقة جارية أو صدقة غير جارية، أو صدقة
مفروضة أو صدقة مندوبة، فلماذا لا يتبرع الإنسان بجزء من الجسم، ألم يجز الناس من
غير نكير بإباحة التبرع بالدم، الدم جزء من الجسم، ولا يحيا الجسم إلا بهذا الدم،
ومع هذا يجوز للإنسان أن يتبرع بدمه، كما أن المرأة تتبرع بلبنها فقد ترضع امرأة
طفلاً لامرأة أخرى، وهذا اللبن جزء منها، فأن يتبرع الإنسان بجزء منه هذا جائز
بشروط طبعاً وضوابط.
شروط التبرع:
إن العلماء
الذين أجازوا هذا قالوا بشرط أن يترجح أن المريض سينتفع من هذا العضو، طبعاً
اليقين لا يعلمه إلا الله، فهذا غيب (وما تدري نفس ماذا تكسب غداً) إنما يكون حسب
سنن الله، حسب النظر في الأسباب والمسببات، أن المريض سينتفع بهذا الأمر ويعيش مدة
معقولة، إنما إذا كان يموت فنقوم بنقل عضو من شخص إليه فهذا لا يجوز، لابد أن يكون
حسب السنن أن صحته جيدة، ولا ينقصه إلا هذا الأمر، وإذا أعطي له فسوف ينتفع به،
هذا حسب الظاهر لنا، نحن نحكم بالظاهر والله يتولى سره، ونحن نعلم أن الأحكام
العملية أحكام الفقه تبنى على غالب الظن ولا تبنى على اليقين، فنحن نحكم بشهادة
اثنين وقد يكونا واهمين أو أحدهما، أو يكونا كاذبين أو أحدهما، فهذا احتمال قائم
لكن الظن الغالب أنهما صادقان، وحسب تزكية الناس لهما وحسب ظاهر أمرها فنحن نحكم
بغالب الظن.
0 comments: